خواص العسل المضادة للفطريات

لقد سمحت الخواص المتعددة للعسل باستخدامه منذ زمن بعيد فى حفظ اللحم الطازج, وقد أكد ابن سينا هذا المعنى منذ حوالى 1000 عام بأن  للعسل خواص مميزة تمنع تعفن وفساد اللحم.

وقد استخدم العسل لهذا الغرض فى كل من الدولة الرومانية و الإغريقية، حيث أن اللحم المحفوظ بواسطة العسل لم يبق طازجاً بل احتفظ بطعمه الطبيعى تماماً!

وقد كتب ب. سوماروكوف  فى هذا الصدد فى عام 1808 يقول إن العسل يتميز بخواص مذهلة لحفظ عصائر ألنباتات والجذور والأزهار والثمار وحتى اللحم من الفساد, وقد كان سكان جزيرة سيلان يقطعون لحم الحيوانات ثم يدهن بالعسل ويخزن فى ثقوب داخل الأشجار على ارتفاع محدد من الأرض ثم تغلق تلك الثقوب بفروع الأشجار نفسها، وقد أمكن بواسطة تلك الطريقة حفظ اللحم طوال العام حيث بقى اللحم دون أى تغير بل أكثر من ذلك أن مذاقه أصبح أفضل من ذى قبل .

ومن جهة أخرى فان المصريين القدماء والإغريق قد استخدموا العسل لحفظ جثث الموتى ومن المعروف أن جثة الاسكندر المقدوني الذى مات أثناء غزوه للشرق ثم تم نقله لدفنه فى العاصمة مقدونيا ظلت مغمورة فى العسل لمنع تحلل جثته فى وقت السفر الطويل فى صحراء أسيا.

وقد كتب ن. م.. سيروفا فى كتابه، كشف أسرار المومياوات, يقول إن محمد مؤمن مؤسس

الفارماكوبيا الطبية فى العصور الوسطي والتى أطلق عليها (تحفة المؤمن) كتب يقول فى قديم الزمان كان من الضرورى حفظ المومياوات لفترات طويلة، ولذلك عوملت جثث الموتي بمادة تسمى موميو، تتكون من العسل والمواد الراتنجية ومواد أخرى، وبمواصلة القراءة فى كتاب تحفة المؤمن فنجد أن محمد طاهر وهو معلم ابن سينا يقول انه فى الدولة الرومانية فان الذين كانوا يموتون فجأة يوضعون في وعاء يحفظون فيه لوقت طويل، وفى هذا الوعاء يتشرب الجسد بخليط من العسل والخل .

أما السيد عبد اللطيف وهو الطبيب العربى والرحالة فى القرن الثانى عشر فقد وجد فى أحد أهرامات الجيزة الخالدة وعاء مغلقاً جيداً يحتوى بداخله على العسل واحتوى فى نفس الوقت على رفات طفل صغير محفوظ تماماً.

وقد قام الباحث البلغارى س. ملادينوف فى عام 1963 بدراسة الخواص الحافظة للعسل حيث أخذ  خمسة أنواع  مختلفة من العسل ثم حفظ كل نوع  بعد جمعه لمدة عام حتى ثلاثة أعوام.

وقد قام بوضع العسل فى فناجين مسطحة خاصة ثم وضع فوقها حبوب كل من الفاصوليا والشعير والجوادر (حبوب تنمو فى البلاد الباردة وتستخدم فى صنع الخبز الأسود) والذرة وكذلك منتجات حيوانية طازجة مثل السمك النهرى وسمك الزينة، وبيض الدجاج والضفادع والثعابين وغيرها, وقد حفظ تلك الفناجين وما فوقها مغلقاً فى  درجة حرارة الغرفة وفي نفس الوقت أجريت تجربة أخرى للمقارنة باستعمال عسل صناعى (40% جلوكوز، 30% فركتوز فى محلول فسيولوجى).

وبعد مرور عام كامل وبمجرد النظر بالعين المجردة اتضح أن جميع المواد احتفظت بشكلها الطازج وكذلك بمعدل عال من النمو, وفى نفس الوقت ففى التجربة التى أجريت بغرض المقارنة باستعمال العسل الصناعى فان المواد لم تنم على الإطلاق, وقد ثبت بواسطة مزيد من التجارب أن الكلي والكبد والأسماك والثعابين وبيض الدجاج يمكن حفظها لمدة 4 أعوام فى العسل مع احتفاظها بخواصها الطبيعية, وفى نفس الوقت فان تلك المنتجات بعد عمل مزرعة لها أعطت نتائج سلبية لوجود الميكروبات, وفى نفس الوقت فى تجربة أخرى أجريت بغرض المقارنة بدون استخدام العسل فان تلك المنتجات بدأت عليها مظاهر التحلل من اليوم الرابع حتى الثامن.

ومن ناحية أخرى فان الخواص المضادة الحيوية للعسل قد تباينت بشأنها آراء العلماء, فتقول الطبيبة الإيطالية أنجيلا دوبينى أن العسل يحفظ المواد العضوية الموجودة فيه من التحلل لاحتوائه على حمض النمليك الذى يتميز بخواص مـانعة للتحلل, وفى نفس الوقت فان بعض الباحثين يعـتقدون بأن تلك الخواص تعزى إلى التركيزات العالية للسكريات الأحادية أى الجلوكوز والفركتوز، أما البعض الآخر فيرى أن تلك الخواص نتيجة لتأثير مشترك لكل من الإنزيمات والسكريات الأحادية وكذلك المواد المضادة للميكروبات الحساسة للضوء والحرارة والتى يطلق عليها اسم المثبطات.

إن المواد المضادة للبكتيريا والموجودة فى العسل هى فى جوهرها منتج افرازى للنحل, وعلى ذلك فان عسل النحل الصناعى لا يحتوى بأى حال على تلك المضادات الحيوية, ومن ناحية أخرى  فان ب. توكين اعتقد بحق أن الغذاء الطبيعى للنحل هو حبوب اللقاح ورحيق الأزهار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *